التصنيف:
قصص
عدد النتائج:
491
لم يستطع أن يُذاكر بسبب انشغاله بمرض والده، فلما استلم ورقة الامتحان، جاوب على تسعة أسئلة من ستين سؤالا، وكانت نتيجته ستين درجة، وكان متوقعا تسع درجات، فراجع استاذ المقرر، فقال له: كنتُ أصحح في الشرفة، فهبت ريح فطارت ورقة اجابة، فدخلت مسرعا، فخشيت أن أظلم صاحبها، فوهبته ستين درجة، ولعل ذلك جزاء على برك بوالدك، لأنك كنت مشغولا به، وآثرته على مذاكرتك.
(فقه الحياة)
عبير سعيدة مع بعلها حمد، فسألوها: ما سِرُّ سعادتكِ مع زوجك؟
قالت: لم أكن سعيدة في سنوات الحب الأولى.
وكنت كثيرا ما أندب حظي، وأشكو حالي عند أمي وأهلي.
وكنت أنقم على زوجي خصالا منها: الجُبْن والبخل وعدم الاهتمام بأناقته وغيرها.
فقال لي والدي:
حمد زوجك وأبو عيالك، وهو جنتك ونارك، وهو لك باب من أبواب الجنة، وحق طاعته عليك مقدم على حق والديك. فحاولي أن تتكيفي مع طباعه، إن لم تستطعي أن تغيريه.
فقلت له كيف؟ وماذا أفعل؟
فقال: تخيلي أنه حليم وليس جبانا، وتخيلي أنه مقتصد وليس بخيلا، وتخيلي أنه متواضع وليس مهملا لأناقته.
وهكذا تعاملي معه، فقلت له مازحة: وإن ضربني كيف أتخيل؟ فضحك وقال: تخيلي أنه يقدم لك خدمة، يعمل لك (مساجا) قاسيا.
ثم قال لي: لن تجدي من هو أرحم بك وبولدك بعد الله من بعلك.
ومن يومها عرفت طريق السعادة، وأخذت أتأول أفعاله التي لا تُعجبني إيجابية، وأتخيلها بالكيفية التي تُسعدني، فأصبحت سعيدة.
ثم اكتشفت بأن سعادة الإنسان بالخيال أكثر من سعادته بالواقع، وأن ما يعجز عن تحقيقه في الواقع، يستطيع أن يُحققه في الخيال، بطريقة أفضل.
وأنه لولا الخيال والأمنيات وحديث النفس والتفاؤل، لمات الإنسان غما وكمدا وتشاؤما.
فكنت أسيرة الواقع الضيق، فوجدت الخيال أرحب فضاء، وأسرع تلبية، وأكثر إلهاما.
وهكذا أصبحت سعيدة مع بعلي، وأرجو بذلك أن أكون سعيدة في الآخرة، وأكسب رضا ربي برضا زوجي.
وأن أعيش في كنفه، وتحت ظل جناحه، وحولي أطفالي، وهم روحي وسر سعادتي.
وإني لأستمد سعادتي من بسمة أطفالي، ومن فرحتهم التى أراها في عيونهم، عندما يدخل عليهم والدهم.
وهم يرتعون في بحبوحة من الألفة والسعادة، في ظل أسرة متعاطفة متماسكة متفاهمة متعاونة.
الكتكوت: شاهد رجل فروجا ينقر البيضة ليخرج منها، فأشفق عليه من شدة معاناته، وتباطئه. فشرع يُساعده في شق قشرة البيضة، فخرج الفروج، لكنه لا يزال ضعيفا ثم مات. فالرجل قصده حسن، لكنه أخطأ في الفعل، لأنه أخرجه قبل أن يقوم بالتدريبات؛ التي تؤهله للإنتقال من حال إلى حال مباينة لها تماما. فهذه المعاناة، ضرورية له، لتنشيط الدورة الدموية وعضلة القلب، والعضلات والجوارح، فتؤدي دور التمهيد والتأهيل، فيخرج أقوى مما لو ساعده أحد على الخروج. وكذلك المعاناة والمشقات التي تعترض الإنسان في مراحل حياته وأطواره، لها دور إيجابي على صحته البدنية والنفسية والعقلية، وسوف يكون أقوى وأقدر لممارسة أعماله ونشاطه في الحياة.
كانوا يعيشون في بلدة صغيرة، وكانت مشاكلهم قليلة، ويحلونها بالتصالح والتغاضي والتراضي.
فلما توسعت البلدة، وكثر الناس، احتاجوا لينصبوا حاكما عليهم.
فكلما عرضوا على أحد ليكون حاكما عليهم، لا ينشط ولا يرغب، ويخشون من المسؤولية في الدنيا، والحساب في الآخرة.
فقالوا: بقي رجل صالح فلنعرض عليه، وهو متفرغ، يذهب صباحا إلى البحر، فيلقي شبكته فيصطاد سمكا.
واحدة لطعام أهله والزائد يبيعه على الساحل، فعرضوا عليه الأمر.
وقالوا له: نعطيك أرضا تزرعها، ونبني لك في وسطها قصرا، ونجري عليك كل شهر ألف دينار.
فقال: أنا لا أصلح أن أكون ملكا، لأنكم إذا كفيتموني وأغنيتموني؛ فسوف أتعود عادة العجزة، وكذلك لن أُفكر بمشاكل الناس ومعاناتهم، لأني لا أعيشها ولا أشعر بها.
وسأكون مشغولا بحديقتي وأموالي وأولادي وقصري.
وفوق هذا أخشى من عذاب الآخرة، وأن الله سوف يقول لي: لماذا أهملت عبادي، وجعلت جُلَّ همك بنفسك ومالك وعيالك.
خرج مع زوجته في صباح يوم عطلة، ليحضرا مشهد شروق الشمس، من وسط البحر،
فجلسا على ساحل البحر، على الرمال الناعمة الندية، وأشعة الشمس الذهبية،
والأمواج الفضية، ونسيم يبشر بتحقق الأمنية، ولم يكن أحد موجودا غيرهما،
فأخذ الزوج يتلفت، ليتأكد من عدم وجود أحد غيرهما، فتهيأت زوجته تظن أنه سوف يداعبها أويلاعبها أويغازلها.
فكانت المفاجأة، أنه قال لها: لو الآن قتلتك ودفنتك، ما كان أحد سيعرف ذلك.
تعليق:
يؤسفني أن بعض الرجال لا يجيد حسن التصرف، أو اختيار الكلمات المناسبة التي يقولها لزوجته،
ويكون مزاحه ثقيل على النفس.
فالمرأة ريحانة وليست قُهرمانة. (وكيل الملك أو رئيس التجار).
مَرَّ رجل بقرية، فصلى معهم الظهر، ثم سألوا الله الغيث والمطر.
ثم غادرهم ومَرَّ بقرية مجاورة، فصلى معهم العصر، ثم سألوا الله أن تكون أيامهم صحوا، ليس فيها سحاب ولا مطر.
فتعجب الرجل من اختلاف مقاصدهم، فسأل إمامهم عن سِرِّ الاختلاف.
فقال له: رجال قريتنا يصنعون الفخار، فالمطر يُفسد عليهم صناعتهم، فيجوع عيالهم وتموت دوابهم.
أما الشمس فتُعجل بإتمام صناعتهم ثم بيعها.
أما رجال القرية الأخرى، فهم أهل زراعة أشجار وثمار، فيحتاجون للمطر ليسقي زرعهم وأشجارهم.
وإلا سيجوع عيالهم، وتموت زراعتهم.
فلو استجاب الله دعاء كُلِّ الناس لهلك كُلُّ الناس.
ولو استجاب الله دعاء الناس في الناس لهلك الناس.
لأن أهل كل ملة يدعون على غير ملتهم بالهلاك.
مَرَّ قوم بشجرة، فالمسافر ينظر إلى ظلها، والقناص ينظر إلى طيورها، والراعي ينظر إلى أوراقها، والحطاب ينظر إلى اليابس من فروعها، والنحال ينظر إلى أزهارها، والجائع ينظر إلى ثمارها، والرسام ينظر إلى شكلها، والجولوجي ينظر إلى عمرها، والنجار ينظر إلى خشبها، والنحات ينظر إلى ما غلط من أغصانها، والعاقل يستدل بها على من أنشأها، والعاشق ينظر إلى حبيبته عندها، والشاعر ينظر إليها يستلهمها، والحاقن ينظر إلى سترها، والأطفال ينظرون إلى مواضع التسلق عليها.
كان بين قصر الملك وديوان حكمه طريق طويل، وكان كل يوم يسلكه الملك حافيا، ذهابا وإيابا.
حتى تعبت قدما الملك وتفطرتا، فأصدر مرسوما يقضي بفرش الشارع بالجلود، ورصد ميزانية كبيرة لتنفيذ المشروع.
فأشار عليه وزيره؛ بأنه ممكن أن يحقق له هدفه بدرهمين بدل ألفي دينار.
فقال له نربط تحت قدميك جلدتين صغيرتين، فعملوا له نعلين من جلد.
فتحقق هدفه بأيسر ما يمكن من النفقات، واستطاع أن يوفر أموالا طائلة من أجل أن يسعد رعيته ويرفه عنهم.
اشتكى رجل لحكيم بحضرة جلسائه، كثرة المشاكل بينه وبين زوجته، فقال له الحكيم: عند النوم كبس قدميها وساقيها، فتعجب الحاضرون، وهابوا أن يسألوه ويستوضحوا منه.
فذهب الرجل، ثم عاد إليه بعد شهر، فقال:لقد جئتك قبل شهر شاكيا، واليوم أتيتك شاكرا،
يشكره على النصيحة، وأنه أصبح سعيدا مع زوجته، وأن المشاكل قد غادرتهما، وحل محلهما الحب والوفاق.
فهنا قال الحكيم لجلسائه سوف أخبركم بالسبب:
فقال: لأن القدمين مرتبطتان بالقلب، والقلب مرتبط بالعقل، والعقل مرتبط باللسان.
فعندما كبس قدميها شعر قلبها بالسعادة والرضى، وأن زوجها يحبها ويحترمها،
ويقدر معاناتها من أجله وأجل أولاده، وأنه يهتم بها.
فعن طريق القدمين صلح القلب، والقلب أصلح العقل، والعقل أصلح اللسان، فعاد الحب والود والوئام بينهما.